رواية عهود الحب والورد بقلم الكاتبة سارة اسامة نيل
سمعت صوته وزفرت بإحباط ثم ردت ببساطة
صباح النور أهلا يا باشمهندس أمان.
عاملة أيه يا عهود وأخبار الشغل هنا معاك.
الحمد لله بخير أنا بحب مجال شغلي جدا وإن شاء الله أقدم شيء كويس.
قال بأعين مليئة بالكثير من الدفء
واثق يا عهود واثق فيك.
ابتسمت بسخرية وتسائلت
نفس الثقة قبل ست سنين.
إنت بعد ما سيبتي الكلية أقسمت يمين ماعدت أدرس تاني كأستاذ جامعي في كلية الهندسة .. وحرمتها على نفسي بعد خروجك منها إللي كان بسبب ظلمي لك..
دورت عليك كتير أووي يا عهود واتعذبت أكتر بسبب تأنيب الضمير إنت عيشتي معايا وفي مخيلتي وفكري ست سنين.
مفيش داعي للكلام ده حضرتك أنا قولتلك إن مش زعلانة ومسامحة ربنا يسامحنا جميعا..
أنا واثق إن كل حاجة هتتغير أنا كفيل بده بس أما يبقى ليا الحق ويلا أسيبك لشغلك..
وقبل أنا يرحل عاد بعض خطوات في ظل تعجب عهود من كلماته وقال بغموض
خلي بالك من الورد .. يا عهود أصل هيشهد على كتير جدا.
ماله ده وأيه الكلام إللي بيقوله الغريب ده.!
يلا يلا متشغليش دماغك يا عهود يلا خلصي علشان تروحيلها..
وقفت أمام الباب تتذكر كثيرا من الذكريات عاشتها بهذا المكان الدافيء ظلت تتأمل بيوت الحارة بأعين مشتاقة وهذا المنزل ذا اللون الأخضر التي شيدت بين جدرانه كثيرا من الذكريات..
ادخلي يا بنت توفيق ونجلاء ادخلي..
وحشاني أووي يا كونتيسة دلال.
بطلي بكش يا بت إنت .. فينك من كام شهر يعني.
ما إنت عارفة ضغط الإمتحانات إللي كنت فيه والتخرج والذي منه..
ااه قولي مشاغل زي توفيق أفندي المبجل إللي استكبر على هنا وعايز ياخدني في المدينة والفيلا والهلومه.
دا إللي كانوا مهاجرين من القرية رجعوا تاني لأن الجو هنا مش هيتعوض عايزين أنا بقى أسيب بيتي والمكان إللي عايشة فيه من ساعة ما وعيت على الدنيا وأجي المكان إللي يجيب المړض ده..
ڠصب عن أنف توفيق الكبيرة والست نجلاء المتغطرسة أنا حكمت عليك بالمأبد هنا..
ألقت عهود الحقيبة على الكنبة القديمة ذات الألوان العديدة والمساند المبهجة رغم قدمها لكنها تضج بالبهجة..
يلا بينا ... بصي أنا مېته جوع وعندي حاجات كتير عايزة أحكيهالك قوليلي بقاا عاملة أكل أيه يا دولا.
رددت عهود بخيبة أمل
يييي بقاا يا دولا ما إنت عارفة
إنها مش بتحبني..
خليك ناصحة يا بت ووقعيها في حبك.
تيتا بطلي تتمقلتي عليا.
خلاص يا أختي بدل ما ټعيطي ادخلي غيري هدومك وصلي وحصليني على المطبخ نكمل سوا الجلاش ومحشي الكوسة..
يييي تحيا الكونتيسة دلال..
جاءت لترد عليها لكن قطع حديثها صوت رنين جرس الباب قالت الجدة دلال
طب افتحي الأول كدا شوفي مين تلاقي حبيب قلبي وصل..
بقى كدا من ورايا يا دولا وكمان بتقوليها في وشي دا حتى إحنا ستر وغطا على بعض..
افتحي يا بت وبطلي لماضة..
ذهبت عهود وسحبت مزلاق الباب وهي تبتسم وتقول بمرح
شريرة يا دولا شريرة.
وبمجرد أن التفتت تصنمت بأرضها كمن ضړبته صاعقة وهتفت پصدمة
إنت .. إنت بتعمل أيه هنا.!!
عهود .. أيه جابك هنا.!
يتبع.
عهود_الحب_والورد
سارة_نيل.
دمتم بود
٤
أيه جابك هنا وتعرف دولا منين!
تسائل أمان بتعجب هو الأخر
إنت أيه إللي جابك هنا وتعرفي دولا منين!!
ربعت عهود ذراعها أمام صدرها وقبل أن تنطق قاطعتها الجدة دلال بقولها
حبيب قلبي أمان ادخل يا غالي أيه أخرك كدا.!
التفتت عهود لجدتها واستفهمت
تعرفيه منين يا تيتا.!
أمان يبقاا ابن ابن أخويا ومن سنين طويلة جدا هاجروا من القرية علشان شغلهم ومصالحهم بس كانوا بيجوا زيارات كدا..
ولوت فمها وأكملت بنزق
يعني البيه أبوه حاله من حال أبوك توفيق أفندي أصلهم مش هيقبوا لفوق ألا لما يسيبوا البلد حجج فارغة صحيح بس أمان حبيب سته بقاله فترة هنا جاب الجماعة وهما عجبهم العيشة هنا وأهو ماشي الحال.
ثم وزعت النظرات بينهم وتسائلت
وانتوا تعرفوا بعض منين بقاا دا إنتوا عمركم ما قبلتوا بعض ولا اجتمعتوا في وقت واحد في القرية..
جاء أمان ليجيب ويروي قصة تعارفه ب عهود لكنها سبقته تقول بإبتسامة
باشمهندس أمان يا دولا يبقا صاحب الشركة إللي قولتلك
بدأت تدريب فيها سبحان الله طلعنا قرايب حقيقي الدنيا دي غريبة جدا.
شعر أمان بالحزن فهي قد تجنبت القصة القديمة وتأبى ذكرها والحديث حولها من الواضح جدا أن بفضله قد تسبب لها پألم كبير وچروح غائرة..
آآه يا محاسن الصدف يا ولاد والله عهود وردة قلبي ونور عيني وحفيدتي الأولى والغالية على قلبي.
تطلع أمان بعهود بأعين مغمورة بالحب المكبوت وقال بمرح
دول كلهم عهود حقيقي اتشرفت بيك جدا يا عهود.
ابتسمت عهود بمجاملة وأردفت
وأنا أكتر يا باشمهندس أمان.
طب ما إحنا طلعنا قرايب وكمان إحنا برا فترة الشغل ما بلاش باشمهندس دي وخليها أمان بس.
ابتسمت عهود واكتفت بتحريك رأسها فقط ثم التفتت لجدتها وقالت
هدخل أشوف الغدا يا دولا وأجهز السفرة.
تأملتها الجدة بأعين متفحصة وقالت وهي تربت على كتفها
ماشي يا عيون دولا وأنا جايه وراك.
ابتسم أمان بحماس وارتمى على إحدى الكنبات وقال
شهلي يا ست عهود الله يباركلك أصل واقع من الجوع بعيد عنك.
ابتسمت عهود بهدوء ودخلت وأعين الجدة تتبعها جلست بجانب أمان ولكزته متسائلة بتعجب
واد يا أمان أنا قلبي مش مرتاح للحكاية إللي قالتها عهود في حاجة تانية أنا مش عرفاها يا واد.
اقترب منها أمان وأردف بلهفة مسرعا
فاكرة الحكاية إللي كنت حكيتلك عليها يا دولا.
قالت بتذكر
البنت إللي بقالك فترة بدور عليها وقولت إنك ظلمتها وقلبك الأهطل عاشقها من بعد الموقف ده..
أنا أعرف يا أخويا أيه الخيبة دي ما كانت قدامك يا مايل جاي تحبها بعد ما اختفت..
ما كفاية جلد فيا بقاا يا دولا عموما يا ستي البنت دي تبقى عهود.
وقفت الجدة پصدمة وهي ټضرب صدرها
عهود بنتي قصدك عهود عهود!!
أحنى رأسه بحزن وألم
أيوا عهود يا دولا ياريت ما كنت أوعى أدخل الجامعة ولا أدرس فيها بعد إللي عملته فيها ده.
وبلمح البصر كانت الجدة دلال تلتقط خفها المنزلي الثقيل وتنهال على أمان به لتبرحه ضړبا..
ظل ينتفض تحت يدها وهو يقول
اضربي يا دولا اضربي عايز أتوب أنا أستحق أكتر من كدا.
دا بعدك أجوزهالك يا واطي بقاا عهود يتعمل فيها كدا أنا هطلع كل إللي شافته من تحت راسك على جتتك يا خوف إنت .. عمرك ما تكون أمان لا أبدا..
توقف أمان فجأة وتسائل بترقب
شافته!! .. أيه إللي حصل لعهود يا ستي أنا بكلمك بجد أنا عارف إن في حاجات حصلت وغيرتها بس أيه إللي حصل!
تنهدت الجدة وجلست بحزن وهي تلقي بخفها بعيدا وهتفت بحسرة
زهرة شبابها انطفت بس الحمد لله كل محڼة وفيها منحة وعهود اتعلمت كتير جدا واتغيرت أووي بسبب الفترة دي..
بص يا أمان يا ابني عهود وحدها بس تقدر تحكيلك إللي حصل معها بس هي بقت وردة مفتحة واتعلمت عهود جديدة لنفسها ونفذتها وهي ماشية على خطاها هي زرعت في حياتها ورد وخلعت كل الشوك
إللي كان ماليها هي تخطت الأزمة دي لوحدها بفضل الله وعرفت تقف على رجليها تاني..
أنا فخورة جدا ببنتي عهود هي أفضل مثال للقوة والشجاعة وإن كل واحد
يقدر يغير من حياته للأفضل وإن الأنسان في إيده دايما الخيار وهو إللي بيختار.
انحنى أمان أمامها وأمسك يدها بين يديه مقبلها بإحترام
وهي فوق راسي وفي قلبي وساكنة روحي أنا عشقنها يا ستي كان كل يوم بيعدي عليا كان حبها بيتمكن من قلبي مش عارف أنا صدقت الكلام ده عنها إزاي مش عارف أنا ظلمتها بالطريقة دي إزاي..!
وصدقيني أنا بشمئز من نفسي ومش مسامح نفسي أبدا أنا عشت أيام صعبة وكنت بلف عليها زي المچنون وهي كانت قريبة مني كل القرب...
وقبل أن تتحدث الجدة كانت عهود تخرج من المطبخ وهي تسير بالرواق تقول وهي تمسح يدها بهدوء
يلا يا دولا جهزت الغدا في الجنينة الخلفية تحت شجر البرتقال يا غالية.
وقف أمان بحماس وتسائل بتذمر
يعني دولا بس أمان ملهوش نصيب يا عهود الورد.
التفتت له بتفاجيء على هذا اللقب لكن عادت تسير وقالت بلامبالاة مصطنعة
إنت حر يا .... أمان..
اهتز بدنه فور أن سمع حروف اسمه منها وشعر بقلبه يمور من خلف أضلعه قال وهو يسبقهم
دا أيه الكرم دا كله يا ست عهود.
عادي .. في الأخر دا بيت ستك بردوة..
جلس ثلاثتهم حول مائدة خشبية وسط شجيرات الفاكهة قالت الجدة وهي تلوك الطعام بفمها
خلال